زكريا الكمالي
صحيحٌ أن جماعة الحوثيين قد طبّقت خاصية تحديد الكلّ، في مسألة تعميم الانتهاكات ضد كلّ من يعيش على أرض اليمن من بشر وشجر وحجر، لكن لا مانع من استغلال شهر مارس/آذار الذي يحتفي بنساء العالم، كفتياتٍ وسيّدات وأمهات، لإعادة التذكير بالمآسي التي صنعتها هذه المليشيا ضد اليمنيات منذ ست سنوات.
خلال الفترة الماضية، شكّلت المرأة اليمنية جبهةً مكتملة بالنسبة للمليشيات الحوثية، مثلها مثل جبهة محافظة مأرب، حيث تعرضت لحملة استبدادية تحت شعارات ولافتات دينية، تزعم الحفاظ على هوية المرأة المسلمة، ولاستهداف ممنهج لمنبع الحنان، كما هو الحال لمنبع النفط والغاز. لكن المؤسف أن لمأرب سواعد وبنادق تدافع عنها وطائرات حربية تحرسها حتى الآن، أما المرأة اليمنية، فقد تُركت فريسةً يلتهمها التوحش الحوثي منذ سنوات.
ويحصل ذلك على مرأى ومسمع منظمات دولية تهتم بالقشور، وتكرّر تصريحاتها، قبل وبعد كلّ مؤتمر مانحين، بحيث لا تخرج عناوينها عن وقائع كـ”امرأة يمنية تموت كلّ ساعتين وهي في حالة الولادة”، و”ست ولادات من أصل 10 تتم من دون قابلة ماهرة”، وصولاً إلى “أربعٍ من كلّ 10 نساء (يمنيات) لا يتلقين رعاية ما قبل الولادة من مقدم رعاية ماهر”.
استقرت المنظمات الدولية في غرفة الولادة، ولم يعد يهمّها اليوم سوى مقدم الرعاية والقابلة الماهرين، على الرغم من أن هذا الأمر هو آخر ما يهم المرأة اليمنية، التي يمكنها أن تضع مولودها وهي في الحقل الذي تذهب إليه لجلب العلف للمواشي، فتعود حاملة طفلها بيديها.
هناك كوارث وانتهاكات أعمق تريد المرأة اليمنية منكم الالتفات إليها بمناسبة يومها العالمي، فيما هناك من يريد وأدها وإعادتها للزمن الجاهلي.
مارس الحوثيون كافة صنوف الإرهاب وأبشع الانتهاكات ضد المرأة اليمنية.
حتى أن مناسبة 8 مارس/آذار (يوم المرأة العالمي)، لم يعد في مقدور اليمنيات الاحتفال بها بحرية، باعتبار هذا اليوم يهدف إلى محاربة الأسرة المسلمة.
في قاموس الجماعة، فإنه يجب عليها أن تحتفي فقط بيوم المرأة المسلمة، الذي ولدت فيه فاطمة بنت الرسول محمد، وأن تسير اليمنيات على نهجها، وذلك بـ”تشجيع إرسال الأبناء إلى جبهات القتال”، في دعوة صريحة لتجنيد الأطفال أطلقتها ما تسمى بـ”الهيئة النسائية” في المكتب السياسي الحوثي.
لا حقوق تعترف بها جماعة الحوثيين للمرأة سوى عندما تكون أمّاً تقدّم أولادها كحطب لمعاركهم. أما باقي الحقوق، إن فكرت اليمنيات بالمطالبة فيها أو ممارستها، فتشكل “جزءاً من الحرب الناعمة التي يقودها المجتمع الدولي ضدهم”.
يقف زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، كرأس حربة في حملة التحريض ضد المرأة، يشكك في الأخلاق، ويفرز النساء إلى مسلمات وغير مسلمات، بقوله في كلمة له، إن من سماهم “الأعداء”، يسعون “بكل الوسائل للترويج للتبرج والاختلاط والعلاقات المحرّمة لهدف شيطاني، لأنهم يعتبرون الإفساد للمجتمع المسلم أكبر وسيلة لقهره والسيطرة عليه”.
اقرأ أيضاً….
بتفكير مثل هذا، “طالباني” رجعي، يقوم الحوثي بالتعريض بالمرأة. هو لا يريد من النساء أن يطالبن بحقوق لهنّ، فهذه الحقوق، وخصوصاً السياسية، “تشجع على الاختلاط والعلاقات الفوضوية بين الرجال والنساء”، بحسب تعبيره.
حدّد زعيم الحوثيين طبيعة المرأة كعنصر إغواء وإفساد فقط، وهي من ورّطت الرجل، معتبراً مسألة “الكوتا” النسائية أنها “إثارة للتباينات”.
ومن هذا المنطلق، كانت جحافل الجهل تطبق توجيهاته بمنع الاختلاط في الجامعات وإغلاق المعاهد في صنعاء.
أيّ صوت مرتفع للمرأة هو “جريمة منظمة”. وحتى يتصدى الحوثيون لـ”الحرب الناعمة” كما صوّروها، أطلقوا العنان لوحوش تمارس العنف الجنسي والترهيب ضد ناشطات سياسياً، يقودهم مدير التحقيقات الجنائية (في سلطتهم)، سلطان زابن، الذي أضافه مجلس الأمن الدولي قبل أيام إلى قائمة العقوبات.
*نقلا عن صحيفة العربي الجديد